المقدمة
كل شيء يبدو اليوم مختلفاً فها أنا أستيقظ من نومي العميق بينما تتسلل إلى غرفتي أشعة شمس افتراضية من بين أوراق الشجر، بعد أن فُتحت الستائر بشكل ذاتي وفقاً لكمية الضوء الواصل إليها من الخارج، وهو ما يوحي بحلول الساعة الثامنة، وهذا ما تأكدت منه عبر النظر إلى سقف غرفة النوم، حيث تُعرض درجة الحرارة، وطبيعة الطقس في الخارج، ومستوى الرطوبة في الجو، بالإضافة إلى الساعة، واليوم، والتاريخ الذي يشير إلى 25/مايو/2599م.
الحياة في المستقبل
أعرج على المطبخ الذي بات يعمل بالنظام الآلي، فأتخاطب مع نظام العمل الآلي الذي سألني عن طبيعة الإفطار الذي أرغب بتناوله اليوم، فأخبرته بعدم رغبتي بتناول شيء سوى كوب من القهوة التي بدأ نظام المطبخ بإعدادها وفقا لبرمجة قمت بها سابقا تختص بعدد الأكواب، ونوع القهوة، وكمية السكر فيها، أنظر إلى سريري الذي بدأ عملية ترتيب نفسه الذاتي وأنا واقف أمام المرآة، ووقوفي أمام المرآة كل يوم لم يعد أمراً ضرورياً للتأكد من هندامي وحسب، بل لإجراء فحوصات شاملة وسريعة ودقيقة لوظائف جسمي الحيوية بما فيها من نبضات قلب، ومستوى سكر، وضغط، وفيتامينات، حسنا..كل شيء يبدو على ما يرام بحمد الله، والآن أضغط على الأزرار الموجودة في الزاوية اليسرى من المرآة لتطبيق شكل المكياج الخاص بالاجتماعات خاصتي، فيما أختار على الجهاز اللوحي ما سأرتديه من ملابس فأظهر وأنا أرتديها على المرآة أمامي وأوفر بذلك الكثير من الوقت والجهد.
أنطلق إلى عملي فتصيبني زحمة المرور بالملل ونفاد الصبر مما يدفعني للمجازفة بقدر أكبر من الوقود لتشغيل نظام الطيران، فيبرز لسيارتي جناحان يطيران بي إلى مقر عملي بربع الوقت فأصل على الموعد، وهناك في مكتبي ينتظرني روبوتاً آلياً يتناول مني معطفي، ويحضر لي كوباً من الشاي الرائق فور دخولي، فيما يناولني بعدها جدول أعمالي المنظّم بدقة تامة بفعله، فأنجز مهامي التي بات أغلبها لا يتطلب سوى التواصل مع البشر عن بعد عبر الأجهزة الذكية، وأعود منهكة إلى المنزل، وفي الطريق أتذكّر أنّ علي إحضار بعض الحاجيات للمنزل، فأعرج على المركز التجاري، وإن من حسن الحظ أننا لم نعد نحتاج النزول إليه والتنقل خلاله للحصول على ما نحتاج، فها هي كل السلع تمر من أمام الشخص وهو جالس في سيارته على حزام متحرك ليتناول منها ما يشاء فيما يمرر هاتفه النقال في المكان المخصص لخصم مبلغ السلعة من محفظته الإلكترونية.
الخاتمة
أخيراً عدتُ إلى المنزل فاستقبلني بونو كلبي الآلي الذي لا غنى لي عنه، أشغل نظام الرادار المسؤول عن تعقيم المنزل، وملابسي، وقتل ما جئت أحمله من فايروسات وبكتيريا من الخارج، وألقي بنفسي على السرير بانتظار نظام المطبخ الذي بدأ لتوّه بتحضير طعام الغداء، وهنا أتنبه على صوت أحدهم يوقظني قائلاً: هيه استيقظي يا أنتِ، فأنظر حولي لأكتشف أنني نمت على إحدى فرشات محل الأثاث الذي قدمت لشرائها منه، وقد عشت حلماً غريباً يبدو أنّه في طريقه لكي يصبح حقيقة!.
للمزيد من المواضيع: موضوع تعبير عن العلم.
