المقدمة
ليس هناك أبشع من أن يكون الإنسان مظلوماً، وأن يقضي حياته أو جزءاً منها يدفع ثمن ذنب أو جرم لم يرتكبه، أو أن يُحرم من حقّه وملكه على يد إنسان ظالم لا يعرف معنى الإنسانية، ولا يعرف أنّ الظلم يوم القيامة ظلمات، وهذا موجود، فليس كل البشر في هذه الحياة طيبين وعادلين، يخشون الله عزّ وجل ويخافون أكل المال الذي حرّمه عليهم، أو يبتعدون عن كل الجرائم الأخرى التي حرّمها الله والقوانين، مثل القتل، وأكل المال، والسرقة وغيرها، ومن هنا جاء دور حماة الحق، وحماة القانون، الذين هم القضاة والمحامون.
مهنة المحامي
ذهبنا في زيارة مع معلّمنا أشرف إلى أحد السجون في المدينة، فدخلنا السجن تحت حماية أمنية بعد أن أخذنا تصريحاً بذلك طبعاً، وقد كان الهدف من الزيارة التعرّف إلى أحوال بعض السجناء غير الخطيرين، والاستماع لقصصهم لأخذ العظة والتعلّم منها، وهناك رأينا الكثير منهم وقد اعتلى وجوه بعضهم الندم على ما فعلوا، إلّا أننا استمعنا أيضاً لقصص البعض منهم، والذين شعرتُ من داخلي بأنّهم مظلومون فيها فتمنيت لو أنني أملك القدرة على التحقق من صدق قولهم، والدفاع عنهم إن ثبت ذلك، وإخراجهم إلى نور الحياة.
ونحن في طريق العودة لاحظ الأستاذ أشرف شرودي، فسألني: ما بك يا مالك، تبدو لست على طبيعتك؟
قلت: لقد أثرت بي بعض حكايات السجناء يا أستاذ، وتمنيت لو أنني أستطيع كشف الحقيقة والدفاع عن المظلومين منهم.
قال: لا شكّ أن السجن مليء بالمذنبين الذين يستحقون العقاب، لكنه مليء بالمظلومين الذين أدخلوا إليه عن طريق الخطأ أيضاً، أو الافترار أو التدبير.
فقلت: مساكين هم، لهم الله ليخلّصهم مما وقع عليهم من ظلم.
فقال أستاذي: أتدري يا مالك أن بإمكانك الدفاع عنهم، وتخليصهم من ظلمهم مستقبلاً؟
فقلت: وكيف ذلك؟
قال: بدراسة مهنة المحاماة، فالمحامي هو جندي الحق الأول الذي يلجأ إليه المظلومون لينصفهم، فيدرس قضية كل منهم بعناية ودقة، ويبحث عن الأدلة القاطعة ليقدمها للمحكمة، وينتزع من خلالها براءة موكّله.
فقلت: فكرة والله، لطالما فكّرت بمَ أريد دراسته بعد تخرجي من الثانوية العامة، وأنا أحب نصرة الحق والمظلومين.
فقال أستاذي: كما أنّك تمتلك صفات المحامي المطلوبة.
فقلت: وما هي برأيك؟
قال: أولها حب الخير وإحقاق الحق، ونصرة المظلومين، وثانيها النباهة والتيقّظ، والذكاء الشديد؛ لتتبع الأدلة والربط بينها ومعرفة الحقيقة، إذ إن من أكبر الأخطاء التي قد يقع بها المحامي الدفاع عن مذنب لا عن مظلوم، بالإضافة إلى أن قوة الشخصية مطلوبة في هذه المهنة، فهي ضرورية للوقوف والتحدث أمام القاضي وإدلاء الحجج والبراهين، وأنت لا تنقصك طلاقة اللسان التي تعتبر شيئاً أساسياً في هذه المهنة، بالإضافة إلى القدرة على الإقناع.
الخاتمة
عدنا من المركز وأنا أفكر بما قاله الأستاذ، وبحال السجناء المظلومين في المركز، فقررتُ الجد والسعي لأصبح محامياً عادلاً ينصف المظلومين وينقذهم من الظلم.
للمزيد من مواضيع التعبير: تعبير عن مهنة المهندس، تعبير عن مهنة الطيار