المقدمة
لم يكن صوت الشاعر هو الصوت الوحيد الذي نادى بالحرية حين قال:
وللحرية الحمراء باب *** بكل يد مضرجة يُدقُ
بل انضمت إليه الكثير من أصوات الشعوب التي نادت بحريتها، وخاضت الحروب الطاحنة، والثورات الضارية للحصول عليها، فالحرية كماء الحياة لا يستطيع الحرّ العيش من دونها، أمّا أولئك العبيد فتراهم يفتحون مظلّاتهم عندما تتساقط أمطارها، فحتى في هذا ينقسم الناس إلى أجناس منهم من هو مستعد للتضحية بحياته من أجل نيل حريته، ومنهم من هو خانع خاضع قابل للعبودية.
أهمية الحرية
عانى الكثير من الأفراد قديماً من انعدام حريتهم، وعبوديتهم رغم تساويهم في الإمكانات والحقوق مع غيرهم من ذوي البشر، لكن لطالما كانت القوانين البشرية غير منصفة عبر التاريخ، وهي ما كان يُعلي من شأن شريحة على أخرى، ويمنح شريحة الحق بالتحكم في الأخرى، وتقرير مصيرها، ولما جاء الإسلام السمح نادى بالمبادئ الإنسانية النبيلة من عدل، ومساواة، وحرية، فكانت هي عماد هذا الدين الذي لا يقف من دونه، ومن هنا جاء رفض بعض أسياد قريش لهذا الدين الذي سيعتق العبيد ويساويهم بالأسياد، وسيجمع الأبيض والأسود، والفقير والغني معاً في صف واحد.
جاء الدين الإسلامي ومنح الروح الإنسانية ما تحتاجه من قيم حتى تشعر باستحقاقها في هذه الحياة، وقيمتها في المجتمع، وكيانها الذي منحها إيّاه الله، فكانت الحرية أول هذه القيم، لتهبّ بروح شمّاء لتعمل وتنتج، وتبدع وتقدّم، وتدير عجلة المجتمع فينمو ويزدهر هو الآخر، فالله عالم الغيوب والقلوب يعلم كيف تكسر عبودية القلب والروح من عزيمة الإنسان، وكيف تجعله حبيساً لعالم لا يتجاوز ثقب إبرة، لذا منح الله الإنسان الحرية ليتنفسها كما الهواء، وينطلق بها نحو أهدافه كما الخيل الأصيل، فالحرية هي أصل الحياة والوجود، ومن دونها تنعدم ثقة الإنسان بنفسه وقدراته، ويفقد دافعيته للعمل؛ لأن داخله شعور بفقد ذاته أولاً.
يشعر الإنسان بحريته فتجري مجرى دمه، وذلك حينما يشعر بأنّه سيد نفسه ومالك أمره، ليس لأحد عليه سلطة غير الله ودينه، فيشعر بكيانه، وآرائه الخاصة، وأفكاره الأصيلة، وينطلق في هذه الحياة معتزاً بنفسه لا يخشى أحداً غير الله، والحرية أنواع فمنها حرية التعبير عن الرأي وقوله بشجاعة، ومنها حرية التملك واختيار ما يريد الفرد اقتناءه، ومنها حرية الفرد بالمشاركة السياسية والتعبير عن آرائه فيها، وحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية وغيرها من الحريات التي يجب على الأفراد والمجتمع احترامها حتى نصل بالنهاية إلى مجتمع متفاهم، متماسك، الاستقرار والأمان سماته الأساسية، والديمقراطية عنوانه.
الخاتمة
خلق الله تعالى الإنسان ومنحه أغلى ما يملك وهو حريته، وأطلق يده وسخّره للدفاع عنها وانتزاعها من كل من يحاول سلبها منه، فمن حافظ عليها عزّ نفسه وعاش بروح سامقة، ونفس علياء تناطح السحاب، ومن فرّط بها خسر نفسه وعاش ذليلاً يقتاده كل من شاء.
للمزيد من مواضيع التعبير: موضوع تعبير عن الحرية، موضوع تعبير عن الحرية والمسؤولية