إتقان العمل

في هذه الآية الكريمة: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)، يكمن سر العمل المُتقن، ونقصد بالإتقان بذل الجهد، والعناية، والدقة في صنع الشيء حتى يغدو في أحسن صورة، فالإنسان إن استشعر مراقبة الله له أثناء عمله، وتحرّى الإخلاص فيه كانت الدقّة أساس كل ما يعمل، والإتقان يستلزم من الشخص اجتماع خلقي الأمانة والإخلاص معاً إلى حين إتمام الأعمال على أحسن وجه ممكن.


مظاهر إتقان العمل

يكون إتقان العمل في كل الأعمال اليوميّة التي يقوم بها الإنسان صغيرة كانت أو كبيرة، دنيوية أو أخروية، فعندما يستحضر الإنسان قول رسوله الكريم إذ قال: (إنّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، (حديث صحيح) لا يستطيع إلّا أن يتقن أعماله ابتغاء إرضاء الله ورسوله، وللإتقان صور عديدة نذكر منها إتقان الشخص لما يؤدّيه من عبادات مثل الصلاة، ويكون ذلك بالإمعان فيما يقرأ فيها، وبالتأني في أداء أركانها، وبالخشوع، وبالحج مثلاً حيث يكون ذلك بالاستشعار أثناء تأدية المناسك، وبحفظ اللسان، وغيرها وغيرها من العبادات، ومن صور الإتقان: إتقان المعلّم لعمله، وهو ما يدفعه لشرح المادة بإخلاص وبأكثر من طريقة للتأكد من فهم الطلاب لها، والإجابة على تساؤلاتهم، ومنحهم الوقت الكافي لذلك، ومن صور الإتقان أيضاً إتقان الطبيب وهو يمسك مبضع العمليات الجراحية، ويولي كل تفصيلة أهمية كبيرة لأنّها قد تودي بحياة مريضه، وإتقان الباني لبنائه، والمهندس لتصميمه، والمتعهد عند شراء مواد البناء أمثلة على ذلك، حتى المهن الفنيّة مثل الرسم، والنحت، وتصميم الأزياء وغيرها تحتاج إلى الإتقان حتى يكون نتاج العمل النهائي غاية في الدقة والكمال.


منافع الإتقان

للإتقان منافع كثيرة تنصبُّ على الفرد نفسه وعلى المجتمع الذي هو جزء منه بالخير، فبإتقان الفرد لعمله يحصد حسن السمعة، ويجذب له الرزق -بإذن الله- فالعامل إذ يكون متقناً لعمله مهتماً بكل تفاصيله يحبّه الناس، ويرغبون في التعامل معه مرات أخرى، ويدل بعضهم عليه بعضاً، كما أنّه يكسب بإتقانه هذا رضا الله ويستحقّ ثوابه جزاء لإتقانه وإخلاصه، بالإضافة إلى أنّ العامل المتقن يوفّر على نفسه الوقت والجهد الذي كان سيهدرهما لو كان عمله مليء بالأخطاء، حيث سيضطر حينها لإعادته، وتصحيحه وهذا ما سيكلّفه وقتاً وجهداً إضافيين، أمّا بالنسبة للمجتمع فسيغدو مجتمعاً غاية في الرقي والتطوّر إذا ما حرص كل عامل على أن يؤدي عمله بإتقان، فإنما صلاح المجتمع، وحُسن كل شيء فيه يكون عندما يتقن كلّ عامل ما يعمل مهما كان صغيراً، فهذه جسور صُمّمت ونُفّذت بحرفية عالية فلا حوادث سير، ولا انهيارات ولا غيرها من المشاكل، وهذه حدائق زرعت وشذّبت زهورها وأشجارها بعناية، فأعطت المنظر بهاء لا يوصف، وهذه مستشفيات ودوائر حكومية يعمل موظّفوها بإخلاص فلا تعطيل لمصالح الأفراد، ولا مشاكل أخرى.


الخاتمة

في الإتقان يجد الإنسان راحة ضميره، وسعادة روحه، ونحن إذ نتقن ما نقوم به من أعمال للآخرين يسخّر الله تعالى من يتقن لنا في أعمالنا، فسبحان من جعل الإخلاص والإتقان في العمل عبادة نؤجر عليها.



للمزيد من المواضيع: موضوع تعبير عن العمل، موضوع تعبير عن العلم والعمل