المقدمة
للثقافة تعريفات كثيرة إحداها أنّها "أن تعرف كل شيء عن شيء، وشيئاً عن كل شيء"، فبالنسبة لي قد يبدو هذا التعريف منطقياً، فالإلمام بأغلب المعلومات التي تتعلق بأمر معين، وببعض المعلومات التي تتعلق في شتى مناحي الحياة يُعتبر كافياً ليكون الإنسان مثقفاً وملمّاً بما يدور حوله، ولستُ أرى للثقافة مثالاً حيّاً من واقعي يلامسني كما رأيته في خالي ناصر، فذلك الرجل يبهرني دوماً في جلساتنا العائلية بإلمامه بكل ما يُطرح من نقاشات ومواضيع، سواء أكانت دينية، أم رياضية، أم علمية، أم اجتماعية!.
أساس الثقافة
ولمّا قادني فضولي لسؤاله مرة أثناء سفري معه في السيارة عن سرّ ثقافته هذه قال: أعلم أنّك -كغيرك- تستغرب ثقافتي الواسعة رغم تعليمي المحدود، فصحيح أنّ الفرصة لم تتح لي لإتمام دراستي الجامعية لسوء ظروفنا الاقتصادية حينها، لكنّ شغفي للعلم والتعلّم، والإحاطة بكل ما يحيط بي، وفهمه جعلني أتجاوز هذه النقطة في حياتي، وأخطط لأن أبني لنفسي كمّاً من المعارف يعوّضني عن فرصتي التي فقدتها، وكان هذا هدفي، إلّا أنني وبعد زمن لاحظتُ تبدلاً في سلوكي، ومنطِقي، ومنطَقي، وفكري، وطريقة تفكّري، فعلمتُ أنّ الثقافة بحر عميق يفوز بأثمن الدرر غوّاصه.
فسألته بفضول: لطالما كنتُ معجباً بك يا خالي، واليوم ازداد إعجابي بك أكثر فأكثر، وأنا رغم خبرتي القليلة أعلم شيئاً حق المعرفة من تعاملاتي مع أصناف البشر أنّ الثقافة شيء مختلف ومنفصل عن العلم والدرجات العلمية، فكم من شخص يحمل من الشهادات أرفعها، ويشغل من المناصب أحسنها لكنّه في مجالس الرجال صفر، وفي حوارات العقلاء والحكماء طفل! فليست الحكمة بخوض المدارس والجامعات، إنّما بما يبنيه الإنسان في هذه الحياة لنفسه من معارف وخبرات.
قال خالي: نعم الشاب أنت يا مروان، إنّي أتوسم فيك خيراً يا بني، فقلت: ولكن قلي يا خالي، كيف أبني صرحاً شاهقاً من الثقافة والمعرفة كما أرى لديك؟
فقال: إنّ سر الثقافة يا بني ليس بالكبير، لكنّه خفي عن كل غشيم تعامى بهذا الكون وما يحويه من مظاهر تطوّر وتكنولوجيا عن ذلك الرفيق الأبدي النافع، ما أقصده هو "الكتاب"، فالكتب يا بني هي جسر عبورك إلى عالم آخر أكثر انفتاحاً وفهماً، وإن كان لكل شيء في هذه الحياة أداة للوصول فهي الكتاب، فالكتب هي عصارة التجارب والخبرات، وشراب المعلومات المركّز الذي عانى القدماء والمحدثون حتى قدّموه لنا، ثم إنّ حضور الندوات الثقافية، والأمسيات الشعرية، والمنتديات العالمية والوطنية التي باتت متاحة بكل سهولة كمادة على الإنترنت، والدورات التدريبية عامل مهم في ثقافة الفرد، ولا ننسى أن صحبة المثقفين معدية تنقل لك الثقافة دونما شعور منك ولا إدراك.
الخاتمة
ولا زال مفهوم الثقافة عميقاً مختلفاً يتفلّت من كل متفلسف باحث عن لقب "مثقف" وحسب، ويقترب من كل شغوف راغب بالتعلّم، باحث عن الحقيقة، فاختر أنت طريقك وفقاً لما تحبّ وترضى.
للمزيد من مواضيع التعبير: موضوع تعبير عن طلب العلم، موضوع تعبير عن العلم