المقدمة

لا شكّ أن العلم سبيل المعرفة والتقدّم، فالإنسان الفضولي بطبعه لم يرضَ بالقعود عن البحث، والتعلّم، والاستكشاف منذ بداية الخلق، بل تنقّل في أنحاء البلاد باحثاً، ومستكشفاً، ومتعلّماً، ليسجّل الكثير من الاكتشافات التي ساعدته في حياته، وهنا كان أوّل ما تعلّمه الإنسان أنّ "بالسعي والبحث والفضول تُذلل العقبات، ويُكتشف المجهول"، فبدأ العلم وبدأت تتفتّح له أبوابه على مصراعيها.


العلم والتكنولوجيا

يبدأ كل شيء بفكرة، ثم ينمو تصاعدياً، وهذا ما نشهده الآن، فقد بدأ العلم بشرارة نشأت بين حجرين دقّهما الإنسان القديم ببعضهما فشبّت بهما نار أضاءت له الكون من حوله، وهي نار العلم، بدأت شرارة وها هي تتحوّل اليوم إلى سيل جارف من التكنولوجيا التي يصعب على الإنسان السيطرة عليها، وأنا عندما أصفها بالسيل الجارف فأنا أشير بذلك إلى غزارتها، واستمراريتها، وجريانها دون توقف، فقد وصلت العلوم والتكنولوجيا في الآونة الأخيرة حداً لم يكن معظم الناس يتخيل وصولها إليه، ولا زالت في تقدّم وتطور دائمين إلى حيث لا نتوقع.


تمخّضت التكنولوجيا عن العلم، فغزت كل جوانب حياة الإنسان، فها هي تدخل في المجالات الصناعية فتساعد على إنجاز ما كان ينجزه الإنسان من بضاعة ومصنوعات في شهور بغضون ساعات، فكل المصانع اليوم تعمل بفعل التكنولوجيا والآلات الحديثة، وأنظمة الحاسوب، وها هو التعليم يتحوّل من حدود السبورة الضيقة المعلقة على الحائط ورائحة الطبشور الأبيض والملوّن إلى صورة تتمثّل بالسبورة الذكية، والأجهزة اللوحية، وعروض التقديم المرئية وغيرها، وها هو الواجب الذي كان لا بدّ أن يؤدّى على الكراسة البيضاء يؤدى -بفعل التكنولوجيا- عبر البريد الإلكتروني وغيره من وسائلها، أما القطاع الطبي فقد شهد الكثير من التطور بفعل العلم والتكنولوجيا، فالأمراض التي كانت تشكّل أشباحاً لا يمكن التغلب عليها بالماضي، ها هي تتقزّم بفعل التكنولوجيا وتندثر بفعل اللقاحات، والأدوية، والأمصال وغيرها، والأجهزة الطبية في تطور دائم وسريع لغاية واحدة هي علاج المرضى، ومنحهم فرصة جديدة للحياة.


والناظر من حوله لا يخفى عليه دور التكنولوجيا في قطاع الاتصالات والمواصلات، فالحبيب الذي كنّا نرجو لقاءه من العام للعام ها هو اليوم بين يدينا بكبسة زر تتيح لنا اتصالاً مرئياً به، فنراه بشحمه ولحمه بلحظة جالساً معنا، أو برحلة جوية تنقله إلينا على متن طائرة سريعة في غضون ساعات، أمّا المزارع وما كان يبذله من جهد في الماضي ليرى نبته يشقّ جنبات الأرض ويرى ضوء الشمس، فها هو اليوم يستعين بأحدث الأدوات الزراعية، وتقنيات الري، ومواد التسميد والقضاء على الآفات بفعل التكنولوجيا أيضاً، والكثير الكثير من الأمور الأخرى التي أثرت بها التكنولوجيا والعلم تأثيراً مباشراً أو غير مباشر، سلبياً أو إيجابياً، برغبة منّا أو بدون رغبة، فهذا هو الواقع التكنولوجي الجديد، وهذه هي الصورة الجديدة للحياة.


الخاتمة

أثّرت التكنولوجيا في حياتنا بشكل كبير فاق التوقعات، ولا زال تقدّم العلم ووسائله يدهشنا يوماً بعد يوم، إلّا أننا وفي خضمّ ذلك كله علينا أن نعي ضرورة الحضور الإنساني، وأهمية دورنا كبشر في حياة بعضنا البعض، فذلك هو الشيء الوحيد الذي لم تستطع ولن تستطيع التكنولوجيا أن تكون بديلاً عنه مهما بلغت من تقدّم.



للمزيد من مواضيع التعبير: موضوع تعبير عن دور العلم في بناء الحضارة، موضوع تعبير عن الإخلاص في طلب العلم