المقدمة

جالسة أنا في غرفة الجلوس أتخيّل أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقد استقبلوه بأنغام أنشودة:

طلع البدر علينا***من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا***ما دعا لله داع

أيها المبعوث فينا***جئت بالأمر المطاع

جئت شرفت المدينة***مرحباً يا خير داع


اليوم هو رأس السنة الهجرية، وهو اليوم الذي عُدّ بداية التاريخ الإسلامي الحق، والنقطة الفارقة في الدعوة جلّها، في مثل هذا اليوم هاجر سيدنا محمد ورسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلّم- من مكة المكرّمة -أحبّ أرض إليه- إلى المدينة المنورة حيث الأمن والأمان، في مثل هذا اليوم سار الحبيب المصطفى حتى تفطّرت أقدام راحلته، وتقطّعت أنفاسه حتى وصل إلى المدينة فرمى بروحه المثقلة من التعب بين أرواحهم التي عانقت من شدة الفرحة عناء السماء، فراحت حناجرهم تتسابق، وقلوبهم تتدفق بمشاعر هذه الأنشودة التي أصبحت جزءاً من تراثنا الإسلامي.


الهجرة النبوية

دعا رسول الله مشركي قريش إلى توحيد ربّه وعدم الشرك به سنين طويلاً، فآمن معه من الرجال والنساء، والصبية ما آمن، أمّا الباقين فلم يزدادوا إلّا كفراً وجحوداً، ولمّا ازداد أذى قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه، وبالغوا في البطش به ومن معه، وحاصر الكفّار المسلمين في شعب أبي طالب شر حصار، بل وتآمروا على قتل الحبيب المصطفى على يد عشرة رجال من كل قبيلة رجل؛ لكي يتفرّق دمه الشريف بين القبائل فلا يستطيع بنو هاشم الأخذ بثأره، حينها بلغ السيل الزبى، وأمر الله تعالى محمد صلى الله عليه بالهجرة إلى المدينة وأصحابه، وأذن له بها.


أُذن للرسول الكريم بالهجرة إلى المدينة بعد أن بايع أهل يثرب للإسلام، فأمر المسلمين باللحاق بالأنصار إلى المدينة، وجلس ينتظر أمر الله بالهجرة حتى نزل، ولم يقع اختيار الرسول الكريم إلّا على أبي بكر الصديق لكي يكون الصاحب في السفر، والسند عند الشدّة، فجهزا راحلتيهما وانطلقا معاً إلى المدينة خفية عن أعين قريش، فوصلا غار حراء ودخلاه بعدما اطمأنّ الصاحب الصدّيق أنّه غارٌ آمن لمكوث حبيبه فيه، فكانت أسماء الصديقة تأتي للرفيقين بالطعام في نطاقها الذي شقّته لتحمل الطعام فيه، فسُميت بذات النطاقين، وقد أرسل الله تعالى عنكبوتاً نسجت خيوطها على باب الغار لتستر رسول الله وصاحبه، وتبعد عنهما الشكوك.


الخاتمة

بعد أيام طوال قضاها الصاحبان في السفر وصلت قافلتهما إلى المدينة المنورة التي كان أهلها قد استعدوا للقاء منذ أيام، وما إن حطّت أقدامهما أرض المدينة حتى عمّتها مظاهر الفرح، واللهفة، والسرور، فاستقبلوهما بقلوب راجفة من شدة الحبور، وحناجر متلهّفة تشدو بأنغام "طلع البدر علينا"، وأي بدر ذلك؟ إنما هو بدر التمام رسول الله الكريم محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل السلام وأتمّ التسليم.


للمزيد من مواضيع التعبير: موضوع تعبير عن الرسول، موضوع تعبير عن المولد النبوي الشريف