المقدمة

قال تعالى في كتابه العزيز: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، منذ نزلت هذه الآية الكريمة وشهر رمضان هو شهر صيام للمسلمين في كافة أقطار الأرض، يمتنعون فيه عن المأكل والمشرب، ويتنافسون في الطاعات والخيرات.


أول ليلة صيام في رمضان

يبدأ الناس بتحري هلال هذا الشهر الكريم آملين ظهوره منذ مغيب شمس اليوم الثلاثين من شهر شعبان، فقد اشتاقوا له وانتظروه عاماً كاملاً، وما إن ينادي المنادي بأنّ الهلال قد شوهد تبدأ المساجد بالتكبير ويهرع المصلّون إلى المساجد لأداء أول صلاة تراويح في هذا الشهر، فتزدحم الشوارع بالكبير والصغير في منظر مهيب تقشعر له الأبدان، وبعد انتهاء الصلاة يعود المصلّون وقد حملوا أصناف عديدة من المأكولات استعداداً لوجبة السحور الأولى، وفي هذه الليلة يهرع الجميع إلى النوم باكراً لئلا يفوتوا وجبة السحور التي باركها الله، والتي اعتادوا أن يستيقظوا لها على صوت طبل المسحّر الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من شهر رمضان وطقوسه.


أول يوم صيام في رمضان

يستيقظ الناس في أول يوم صيام وقد نسي بعضهم واتّجه ليعدّ كوب قهوته المعتاد، قبل أن يتذكّر أن اليوم هو أول يوم من الشهر الكريم، فيقرر أن يقضي وقته في قراءة القرآن الكريم، أو التسبيح، أو بعض الأعمال الخيرية التي تُحبّذ في هذه الأيام، فيما تعجّ القنوات بالبرامج التلفزيونية النافعة وغير النافعة، فتجلس العائلة وقد اختارت برنامجها المفضّل لمتابعته معاً، أمّا الأمهات فيتّجهن قبيل موعد الإفطار بساعات إلى المطبخ لإعداد ما لذّ وطاب من أصناف الأطعمة والحلويات، تبعاً لطلب كل فرد من أفراد العائلة، وما إن تغيب شمس اليوم ويقترب وقت مدفع الإفطار من الانطلاق حتى تختلط رائحة المأكولات القادمة من كل بيت في الحي مع بعضها البعض، والناظر من النافذة يرى الأطفال كلاً منهم قد حمل صحناً وتوجّه به إلى جاره، وذلك طقس من أجمل الطقوس الرمضانية، ينطلق مدفع رمضان فتلهج الألسنة بالدعوات والأمنيات، وتتشارك العائلة ما أعدّته الأم من أطباق متنوّعة، ثمّ يهرعون لصلاة المغرب ويهيئون أنفسهم لصلاة التراويح، وما إن يعودوا حتى تكون الأم قد حضّرت أصناف الحلويات التقليدية المتعارف عليها في هذا الشهر مثل القطايف، وقمر الدين، والنمورة وغيرها، فيجلسون ليتسامروا قليلاً فيما تتراقص في الخارج على أرض الحي زينة الشوارع، والهلالات المعلّقة على النوافذ.


الخاتمة

لشهر رمضان بهجة لا تعادلها بهجة، وكذلك لأول يوم صيام فيه، فما أجمل أن يقضي المسلم هذا الشهر بين أهله وأحبّته، وأن يصوم بقلب صاف لا حقد فيه ولا غلّ، فشهر رمضان هو شهر صوم الجوارح أيضاً وليس المعدة عن الطعام فقط.



للمزيد من المواضيع: تعبير عن الصلاة، تعبير عن الصبر