الموضوع الأول

المقدمة

ذهبنا أنا وأبي الغالي لزيارة عمي القابع في المستشفى منذ أشهر بسبب مرض عضال -لا شفاء منه- أصابه، وأحضرنا معنا الزهور، ولما وصلنا إلى هناك وطرقنا الباب استقبلنا ببشاشة وجه، وطلاقة لسان، بعد أن أنهى صلاته وأذكاره بعدها، لقد كان حاله يدعو إلى الحزن، فالأنابيب موصولة بأنفه وفمه لا يستطيع منها فكاك، والمغذيات قد وُصِّلت بيديه اللتين أرهقتهما كثرة الحقن، والتعب ظاهر على محيّاه، رغم ذلك قابلنا ببشاشة ولين أنستنا مرضه.


الصبر الجميل

أثناء عودتنا رآني أبي سارحاً لا أنطق بكلمة، ناظراً من النافذة، لقد كنت أفكر بحال عمي المسكين، وتعجبت من صبره، فسألني أبي: ما بك يا سمير؟

-لا شيء يا أبي، سوى أنني استعجبت من حال عمي شافاه الله، وأشفقت عليه.

-شافاه الله وجعل مرضه له كفارة، لكن ممَّ استعجبت يا بني؟

-من ثباته وتقبله لمرضه يا أبي، ألم تلحظ أن شكر الله وحمده لم يفارقا لسانه طوال الجلسة؟ رباه كم أنا معجب به!.

-نعم يا بني، لقد ألهمه الله الصبر رغم سوء حاله.

-لكنني يا أبي أرى من هم أحسن حالاً منه، ولا أرى منهم غير الشكوى والتذمّر.

-الصبر خصلة حميدة يا بني لا يمنحها الله إلّا لعباده المخلصين، ليجيزهم خيراً عمّا أصابهم في الدنيا من هموم وأوجاع، أمّا أولئك ممن يكثرون الشكوى من قضاء الله وأمره فلا ثواب لهم ولا جزاء.

-نعم نعم، وقد قالوا قديماً يا أبي بأن الصبر مفتاح الفرج فماذا يعني ذلك؟.

-ذلك يعني أنّ الله يبشر الصابرين دوماً باليُسر بعد العسر، وحسن الجزاء في الآخرة، وذلك لأنّهم تقبّلوا قضاء الله وقدره، وحمدوه عليه، وقد قال تعالى في كتابه الكريم: (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).

-يا لحظّهم يا أبي!.

-ليس حظّهم هو سبب فوزهم بالثواب يا سمير، بل هو صبرهم على الألم وغيره، فالصبر يا سمير ليس بالأمر السهل، بل يحتاج من الإنسان إيماناً قوياً بالله وقدره، وتحملاً كبيراً، خاصة أنّ الشيطان دوماً ما يوسوس للإنسان بالكفر بالرحمن، ويشككه بعلاقته بالله عند وقوعه في المصائب.

-والعياذ بالله من الشيطان، وكيف يكون الصبر يا أبي؟.

-يكون بتقبّل المصائب والمشاكل رغم صعوبتها، وتحمّلها، ودعاء الله تعالى بتفريجها، والصبر لا يكون فقط على المرض يا سمير، بل يكون أيضاً على الفقر، أو على مصيبة وقع فيها الإنسان مثل موت أحد الأعزاء عليه، أو خسارة ماله، أو حريق أصاب بيته مثلاً أو غيرها من الأمور، وهو من شيم أنبياء الله جميعاً، فمنهم من صبر على المرض كسيدنا أيوب، ومنهم من صبر على الأذى، ومنهم من صبر على الفقر، وفقد الزوج والولد كسيدنا محمد صلوات الله عليه، وقد قال تعالى: (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).

-فهمتك يا أبي، بارك الله لنا فيك، وجعلنا وإياك من الصابرين الحامدين دوماً.


الخاتمة

الصبر هو قبول أمر الله وقدره، وحمده عليه، ودعوته بكشف البلوى، وهو من صفات الأنبياء رضوان الله عليه، فكلما أحبّ الله عبداً ابتلاه ليكفر عنه.



الموضوع الثاني

المقدمة

قالوا قديمًا: (الصبر مفتاح الفرج)، فالصبر هو مفتاح الخير والسعادة، ولكي نتعلّم أن نصبر علينا فهم معنى الصبر، فالصبر يعني الكف عن الشكوى للناس، والقدرة على مواجهة الشدائد والصعوبات، والاستعانة بالله في جميع أمور الحياة، يقول الفيلسوف أرسطو عن معنى الصبر:" الصبر هو الذي يسمح للفرد التغلب على العواطف القويَّة الناتجة عن المصائب أو الآلام".


أشكال الصبر وأهميته في حياة الإنسان

تتنوّع أشكال الصبر في حياة الإنسان، فهناك الصّبر على المصائب والكروب، والصبر على الابتلاء، والصّبر على الأذى، وجميع تلك الأشكال وغيرها تنبع من عمق الإيمان بالله تعالى، والاتكال عليه، وأنّ حل كل الأمور والمصاعب والكرب وغيرها بيده وحده، ومن الفوائد العظيمة التي يحصدها الإنسان الصبور هو تمكينه من الاستمرار في حياته، ومواصلة تحقيق أهدافه، وتقوية الإيمان والصلة بالله عز وجل، وعدله، ورحمته.


ومن أشكال الصبر الأخرى الصبر على الصعوبات في سبيل تحقيق أهدافٍ معينة، كالصبر على الدراسة لتحقيق النجاح، والصبر على العمل حتّى ينمو ويتطوّر، أو الصبر والعمل بجدٍ، ونشاطٍ حتى الحصول على ترقيةٍ، وصبر الفلاح وعمله الدؤوب في أرضه، حتى ينمو زرعه ويثمر، ومن أعظم أشكال الصبر صبر الوالدين في تربية أبنائهم حتى إيصالهم إلى برّ الأمان، وصبر الأم على حملها حتّى الوصول إلى لحظة الولادة.


إذًا فالصبر صفة نبيلة ويجب أن يتحلّى بها كل الناس؛ لأنّ الصبر هو السبيل إلى حياةٍ ناجحة، وموزونة، ويجب أن يُتبع هذا الصبر بإيمانٍ عميقٍ بقدوم الفرج، والأمل الدائم بأنّ الغد أفضل، حيث أنّ من أهم فوائد الصبر تجديد الأمل بالغد والحياة، وأنه ستفتح أبواب السعادة فيه، إضافةً إلى أنّ الصبر ينمّي العديد من الخصال النبيلة في أعماق الإنسان، كالمحبّة، والتسامح، والعفو، والهدوء، والسكينة، والقدرة على التحكّم بالمشاعر، والشهوات السلبيّة.


الخاتمة

نستنتج من كل ما سبق أنّ الصبر سمة نبيلة في أعماق الإنسان الحرّ، وهي السبيل إلى النجاح، ومحبّة الناس بفضل الخصال النبيلة التي تنتج عن الصبر.



للمزيد من مواضيع التعبير: تعبير عن التسامح، تعبير عن الإيثار