المقدمة

قال الله تعالى في كتابه الكريم آيات كثيرة عن العفو والتسامح، وأنا أذكر منها ما قالته لي أمي يوماً عندما أخطأت في حق صديقتي شروق، وكنتُ قد وصلت حينها لدرجة كبيرة من الغضب منها، لكنّ أمي هدّأتني عندما تلت عليّ قوله تعالى: لذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)، فقد ساوى الله في هذه الآية بين من ينفقون في سبيل الله، وبين من يعفو عن الناس ويصفح عنهم، ويجعل التسامح طبعه، وهذا يعني أنها عبادة يؤجر عليها الإنسان.


العفو والتسامح

قالت أمي: العفو والتسامح يا ابنتي هما صفتا الأنبياء والرسل، فقد كان الأنبياء والرسل وخاصة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلّم- يعفون عمّن يسيء إليهم ويسامحونهم، ويصفحوا عنهl، فقد كانوا صبورين حليمين.

فقلت: وما معنى العفو والتسامح يا أمي؟

فقالت: العفو والتسامح يعنيان التجاوز عن خطأ من أخطأ في حقنا، ليس ضعفاً منّا إنما رغبة في مرضاة الله تعالى وتطبيقاً لسنة نبيه يا ابنتي، إذ ليس هناك من لا يستطيع ردّ الإساءة، فردّ الإساءة ليس قوة، إنّما ضبط النفس عند الغضب، وتجنّب وساوس الشيطان الذي يطمح للإفساد بين الناس هي القوة، والتسامح يعني الابتعاد عن معاقبة الشخص الذي أساء في حقّنا أو معاتبته حتى.

قلت: وكيف ذلك يا أمي؟

قالت: أعلم أنّ ذلك صعب على الإنسان في لحظة غضبه يا ابنتي، لكن على الشخص أن يحاول ضبط نفسه مرة بعد مرة عند غضبه، وأن يتذكّر مواقف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم مع كفار قريش حين آذوه فقال لهم عند فتح مكة اذهبوا فأنتم الطلقاء، ومع كل من أساء إليه، كما أن على الإنسان الاستغفار دوماً عند الغضب، والاستعاذة من الشيطان الرجيم، وترك المكان إن استطاع، فهذه الخطوة الأولى في طريق العفو عن الناس.

قلت: وماذا بعد يا أمي؟

فقالت: ثمّ تذكّر الآية الكريمة التي ذكرتها لك منذ قليل، وتذكّر الثواب الذي سيجلبه العفو لك، ورضا الله ومحبته، فهل في الدنيا ما هو أغلى من رضا الله تعالى يا منى؟

فقلت: لا يا أمي، بالطبع لا.

قالت: ثمّ إنّ عليك أن تعلمي يا منى أنّ الله عادل لا يرضى الظلم، لذا فإنّ حق المظلومين لا بدّ أن يؤخذ من الظالمين في يوم من الأيام.


الخاتمة

العفو والتسامح خلقان نبيلان على الفرد التحلي بهما لكسب حبّ الله تعالى، وتحقيق مجتمع متماسك تتحقق فيه الطمأنينة، والأمن، والمحبة، والتآخي.


للمزيد من المواضيع: تعبير عن التسامح، تعبير عن الحب