الجار

قيل قديماً أنّ على المرء أن يتحرّى حُسن الجار قبل حُسن الدار، فإن كان الجار كيّساً طيّبا طاب السكن وطابت الحياة، أمّا إن كان الجار ذا خلق سيئ صعُبت الحياة وكدُر العيش وإن كان السكن في أجمل الأماكن وأعظم القصور، فالجار كما يُقال دوماً قبل الدار لأنّه ملازم للإنسان في حياته، وملاصق له في مسكنه، وهو ما سينعكس على طبيعة حياته داخل بيته، وراحته فيه طوال يومه مهما حاول أن يستقلّ فيها.


أهميّة الإحسان للجار

جاء الدين الإسلامي والديانات الأخرى حاملة للأخلاق، منظّمة لعلاقات الناس في المجتمع، ومن الأمور التي أولاها الدين الإسلامي أهمية عظيمة هي حسن الجيرة وحفظ حقّ الجار، حيث كان ذلك بورود الكثير من الأحاديث النبويّة التي تحث على ذلك، ومنها ما قيل عن أبي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه، قَالَ: (قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ فُلانَةَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ، وَتَفْعَلُ، وَتَصَدَّقُ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَا خَيْرَ فِيهَا هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ “. قِيلَ: وَفُلَانَةُ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ، وَتَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ وَلَا تُؤْذِي أَحَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ)، ففي هذا الحديث دلالة واضحة على ضرورة الإحسان للجار، لما في ذلك من أهمية تكمن في بناء مجتمع متآلف، ومتحاب، ومتعاون تقلّ فيه المشاكل، والأحقاد والضغائن، ويعمُّ فيه الخير، والأمان، والسلام.


مظاهر الإحسان للجار

يكون الإحسان للجار بكفّ الأذى عنه، فلا نزعجه بالأصوات المرتفعة والضوضاء، ولا نلقي قاذوراتنا أمام بيته أو في محيطه، كما يجب علينا غضّ البصر عن هذا المحيط، واعتبار محارمه محارمنا، كما يكون الإحسان له أيضاً باحترامه، وعدم ذكره بالسوء أمام أحد من معارفه أو غيرهم، والحرص على مواصلته في المناسبات وغيرها، وإقامة علاقات طيّبة معه، ويكون أيضاً بتحرّي حالته الماديّة لمساعدته ببعض الحاجيات إن تبيّن عوزه، أو بإرسال بعض المأكولات أو الحلويات من باب المشاركة وبناء الألفة وإن لم يكن من المعوزين، كما يكون الإحسان إليه بعدم التدخّل في شؤونه ومحاولة معرفة ما لا يعنينا من أخباره وتتبّعها، والإحسان للجار أيضاً يتمثّل في عدم تتبّع عوراته، وستر زلّاته، أو مشاكله إن تكشّفت لنا وهذا ما علّمنا إيّاه رسولنا الكريم صلوات الله عليه، بالإضافة إلى زيارة الجار والاطمئنان عليه في حالة مرضه، ومشاركته أفراحه، مواساته في أتراحه، ومساعدته فيما يلزم من مواقف حياتيّة كثيرة تحتاج إلى العون والمشاركة.


الخاتمة

تدعو الديانات جميعها إلى السلم، وبناء العلاقات الطيّبة بين الأفراد، وأوّل ما يكون ذلك بين الجار وجاره، حيث يترتّب على ذلك الكثير من المنافع، ويُسدُّ به الكثير من الضرر، فعلى الإنسان أن يحرص على أن يكون جاراً طيّباً ذا خلق يحبّه جيرانه ويتمنّون قربه ووصله دوماً، لا البعد عنه.



للمزيد من المواضيع: موضوع تعبير عن إكرام الضيف، موضوع تعبير عن الكرم