الموضوع الأول

المقدمة

اليوم هو الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر، وذلك يعني أنه اليوم العالمي لأجمل لغة في العالم -في نظري على الأقل-، فأنا المتيّم بها حتى الغرق، هذه اللغة الساحرة التي اكتملت بكل ما فيها من حروف، وكلمات، ومعان، وتراكيب فأضحت بحراً لا يدرك آخره، ونهراً عذباً لا يروى من عذوبته شاربه، ولأنه يوم اللغة قررت أن أقوم أنا وصديقي صلاح بزيارة غير اعتيادية نطّلع بها على آراء غير أهل اللغة فيها، وكانت الزيارة إلى أحد معاهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.


نعمة اللغة العربية

دخلنا المعهد فأذهلنا عدد الطلاب في الصف الواحد، إذ لم نكن نتوقع هذا الإقبال على تعلّم اللغة العربية، كما سرّنا تنوّع الجنسيات والأعراق في الصفوف، وبعد أن حضرنا محاضرة للمستوى المتقدم حمدت في سري ربي الذي حباني بأن تكون هذه اللغة الجميلة هي لغتي الأم، وجنّبني كل هذا العناء، وبينما أنا سارح في غياهب نفسي، حتى وكزني صلاح لأنتبه كون المحاضر أخذ يعرّف طلابه -غير العرب- بنا، ويدعونا وإياهم إلى نقاش مفتوح يكون بمثابة تبادل للثقافات واللغات بنفس الوقت، فرحبوا بنا في صفّهم، وأهّلنا بهم في بلدنا، ثمّ بادرتهم بسؤال عن سبب رغبتهم في تعلم اللغة العربية دون سواها، فأجابت طالبة تدعى كاثرين من المملكة المتحدة: لقد عزمت على تعلّم اللغة العربية بعد أن سمعت أنها من أصعب لغات العالم، ولما بحثت عن سبب هذه الصعوبة، وجدت مصدرها تعدد المفردات والمعاني فيها، واختلاف مخارج الأصوات عن مخارجها في اللغات الأخرى، فجذبني فضولي لتعلّمها.

قال صلاح: وماذا وجدت؟

-أحسست ببعض الصعوبة فعلاً، لكنها صعوبة ممتعة، وراءها غاية تستحق العناء.

وفي الزاوية كان يجلس طالب يبدو أنّه ماليزي أو إندونيسي، ولما أحببت أن أسمع رأيه عرفني بنفسه وقال: أنا نور الدين من ماليزيا لطالما أحسست بالغبطة تجاه إخواني المسلمين من العرب، لقدرتهم على تلاوة كتاب الله -الذي هو خطابه إلينا- بسهولة، بينما لا نستطيع نحن ذلك، حتى جاء اليوم الذي قررت فيه أن أسافر لتعلم اللغة العربية، لأتقرب بها من الله عز وجل.

-رائع يا نور الدين بارك الله فيك.

أمّا تاليا الطالبة الباكستانية فأخبرتنا بأن نغم اللغة العربية الذي سمعته مرة أثناء إلقاء أحد الشعراء قصيدة على اليوتيوب قد سحرها، وجذبها لتعلم العربية وإتقانها، فكان ذلك من أعجب ما سمعنا.


الخاتمة

طال حوارنا مع الطلبة ساعات قضيناها دون أن نشعر، فيما خرجنا بعدها أنا وصلاح يملؤنا الفخر بلغتنا التي نحمل، والتي هي لغة القرآن الكريم والرسول الحليم، فيارب احفظها إلى أبد الآبدين.



الموضوع الثاني

المقدمة

تغنّى الشاعر الكبير أحمد شوقي باللغة العربيّة فقال:


إنّ الذي ملأ اللّغات محاسناً جعل الجمال وسرّه في الضاد



قال الشاعر بيته الشعريّ هذا، وأوجز في جمال هذه اللغة العظيمة وسحرها، فاللغة العربية بشهادة أهلها وغيرهم من المستشرقين من أجمل لغات العالم وأعرقها إن لم تكن أجملها على الإطلاق، وأكثرها اتّساعاً، وأقدرها تعبيراً، وأدقّها وصفاً، فهي بحر عميق ليس له نهاية يسحر المُتمعّن فيه بما يحويه من لآلئ ودرر لا يستطيع أن يعدّها أو يحصيها بشر، فمحظوظ هو مَن كانت العربيّة لغته وعليها استقر.


أهميّة اللغة العربيّة

تنبع الأهمية الأولى للغة العربية من كونها لغة القرآن الكريم، ولغة الرسول الحكيم وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلّم، فيكفي هذه اللغة قداسة ورفعة أنّ الله تعالى اصطفاها ليسطّر بها آيات كتابه، ويخلّدها مدى الزمان، فأيُّ فخر يبتغيه الناطق بها بعد هذا! يُضاف إلى ذلك أنّها لغة العبادات والقُربات إلى الله تعالى؛ إذ لا تصحُّ بعض العبادات إلّا بها؛ فالصلاة، وقراءة القرآن لا تقومان إلّا بها، ممّا جعلها لغة يطمح كلّ المسلمين على اختلاف أعراقهم ومواطنهم لتعلّمها ويتوجّهون إلى ذلك، كما أنّ بهذه اللغة كُتبت أجود كتب الأدب، والتاريخ، والجغرافيا، والعلوم وأرفعها قيمة على يد قدماء العلماء في التاريخ أمثال الرازي، وابن سينا، والخوارزمي، وابن الهيثم وغيرهم من العلماء، بالإضافة إلى كُتب الفقه، والسنّة، والدين، كما أنّ في تعلّمها فوائد للفرد نفسه، فقد قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "تعلموا العربية فإنها تثبت العقل وتزيد في المروءة"، وبهذا يكون لهذه اللغة فضلاً على بقيّة اللغات لا يدركه إلّا مَن حملها، أو سعى لحملها قاصداً الاستنارة بنورها لنيل المُراد.


جماليات اللغة العربيّة

يحار المتمعّن في جمال هذه اللغة وحسنها، ويلتبس عليه الأمر أختارها الرحمن لتتكون لغة القرآن لجمالها، واتّساع مفرداتها، ودقّة لفظها، وحسن معانيها! أم أنّها خُصّت بكل ذلك لأنها لغة القرآن؟ فاللغة العربية تتميّز بما لا تتميّز به باقي اللغات إذ أنها تضمّ ما لا يقل عن 10 ملايين مفردة أصيلة ومشتقة، وهو ما يقودنا إلى أنّ ليس هنالك لفظة عربيّة واحدة دون مرادف واحد على الأقل يحمل نفس معناها ويختلف عنها باللفظ، بالإضافة إلى دقة هذه اللغة في الوصف، والتعبير عن الشعور والحال بطريقة أقرب للخيال، كما أنّ الكلمات فيها قادرة على توصيل المعاني، حيث يمكن لسامع الكلمة أحياناً فهم معناها من صوتها، بالإضافة إلى كونها لغة مُعربة ومشكولة، ومعجِزة بمعنى أن الكثير من معانيها استعصت على الترجمة بلغات أخرى، كما أنّ فيها ميزة التمييز بين المذكّر والمؤنث من ذات اللفظة وهو ما تفتقر له معظم اللغات، والكثير الكثير من الخصائص الأخرى التي يصعب حصرها في هذا المقام.


الخاتمة

اللغة العربية لغة مُثقلة بالحُسن والرّقي، ممّا يوجب علينا، بل ويضع على عاتقنا ضرورة الحفاظ عليها لأهميّتها، فهي لغة القرآن، وناقلة الأدب، والعلم، والثقافة، والتراث، ويكون ذلك بإحيائها عبر استخدامها بشكل مستمر، وتشجيع أطفالنا على مشاهدة ما يعرض بلسان عربيّ من برامج، وتفقيههم بما يصعُب عليهم من مفردات، ويكون ذلك أيضاً بقراءة الكتب العربية، والاستزادة من المعاني الفريدة لا سيما تلك الموجودة في المعاجم، بالإضافة إلى أهميّة استخدامها في محادثاتنا اليومية الكتابيّة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والاستغناء عن اللغات المبتكرة الأخرى، والتي تسعى لخلط وتشويه جمالها، كتلك التي تُستخدم فيها المفردات العربية بعد كتابتها بحروف إنجليزية، فلغة جميلة مثل لغتنا العربية لا بدّ أن تُحفظ وتقدّر.



للمزيد من مواضيع التعبير: موضوع تعبير عن الأصالة العربية، موضوع تعبير عن القراءة