المقدمة


حبك يا رب نوري بل وزادي في المسيرِ فاقبلنّ يا ربي حبي ردّ حبك الغزير



الحب شعور جميل وسامٍ أودعه الله في قلوب عباده، فغدت أكثر رقة ورحمة، ورأفة، والإنسان بلا حب كالنبتة بلا ماء لا حياة فيها ولا روح، فما أجمل الحب إن كان طاهراً نقياً، وليس هناك أجمل وأقدس منه إن كان موجّهاً من عبد فقير إلى خالقه، إذ يكون حينئذ ممزوجاً بالتمني والرجاء، أو ذلك الحب الذي يخص به الله بعض عباده دون غيرهم، والذي تظهر على إثره على هؤلاء الثلة بعض العلامات، فيا رب ارزقنا حبّك وقربك ولذّتهما.


حب الله للعبد

ليس هناك أعظم من أن يحبّ الخالق مخلوقه، فهو إن أحبّه حبب به خلقه جميعاً، من ملائكة وإنس تبعاً لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض)، وهذه نعمة من نعم حب الله على العبد، وإن من علامات حب الله له أيضاً توفيقه لطاعته واتّباع سنة نبيّه، وأداء عباداته، فهو يريد له الخير والرحمة، لذا تراه يضعه على طريق الطاعات ويأمره بالسير فيه، كما أنّ الله يزينه بخير الصفات ويبعده عن شرّها، ويجعله مواظباً على نافلته، فلا يكتفي بفرائضه وحسب، إنّما يُقبل على النوافل من العبادات ليحظى بأعلى الدرجات، ومن الدلالات التي تشير إلى حبّ الله لعبد ما ابتلاؤه، نعم ابتلاؤه، فالابتلاء كفارة للذنوب، وصابون للمعاصي، ورفع للدرجات، وهو امتحان يتقرّب به العبد إلى الله أيما تقرب إن صبر واحتسب.


حب العبد لله

إنّ الحبيب لأمر حبيبه مطيع، وهذا هو حال العبد المحبّ لله تعالى، الذي استغنى بإقامة الله في قلبه، وحضوره في جوارحه عن هذه الدنيا بما فيها، فالعبد المحبّ لله عبد يعيش لأجل هذا الحب والمحبوب لا سواهما، وهو ما يجعله يرى كل ما على هذه الأرض زهيداً، فلا المغريات تجعله يحيد عن طريق ربّه، ولا الجاهلين من الناس يستدرجونه إلى مستنقع جهلهم، ولا الحاقدين يسممونه بحقدهم، ولا سواهم، فهو عبد منكبٌ على عبادة الله، مستلذٌ بصيام نهاره، وقيام ليله، وإيتاء زكاته وصدقاته، متواضع في خلقه كله، غير مختال في مشيه ومقصده، متّبع لسنة نبيّ الله تعالى، ملتزم بأداء فريضته، مستأنس بكتابه وتدبر آياته، تراه ذاكراً لله تعالى في انشغالاته وخلواته، حامداً له على خيراته وابتلاءاته، وإن هو أذنب يوماً أو عصى امتثل باكياً بين يديه جلّ، وعلا ذارفاً دموع التوبة مخلصاً له، آملاً القبول.


الخاتمة

للحب أنواع وأسماها حب الله تعالى للعبد، وحب العبد لله تعالى خالقه، فيا رب ارزقناهما فهما أحلى من الدنيا وما فيها.



للمزيد من مواضيع التعبير: موضوع تعبير عن عباد الرحمن، موضوع تعبير عن الأخلاق.