المقدمة

لم يكن ذلك اليوم الذي خرج فيه نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة يوماً عادياً، فقد كان يوماً أُرخ به تاريخ البشرية الإسلامية جمعاء، حيث أنارت ذلك اليوم شمس أشد سطوعاً من تلك التي يعرفها البشر منذ الأزل وهي شمس الحق، لذا لم يجد المسلمون حدثاً أعظم من هجرة النبي للتأريخ به وجعله بداية لميلاد الأمة الإسلامية.


رأس السنة الهجرية

تتعدد المناسبات من حولنا، ولا نقول إلّا أنّ للمسلمين عيدين هما عيد الأضحى المبارك، وعيد الفطر السعيد، إلّا أنّ حب رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلّم، وتفطّر قلوبنا التي تعلم ما قاسه في بعثته وهجرته تدعونا لاعتبار أول يوم من شهر محرم من كل عام مناسبة سعيدة كانت هي بداية اشتداد عود الدين الإسلامي، حيث أعدّ نبي الله العدة بعد أن أوحى له الله تعالى بالهجرة من مكة المكرمة، وانطلق يصاحب صديقه الطيب الأمين أبا بكر الصديق إلى المدينة المنورة، تلك المدينة التي وجد فيها النصرة، والمنعة، والترحاب، حيث بدأ هناك بتأسيس قواعد الدولة الإسلامية العظيمة التي نراها اليوم، فيما بدأ صحبه وتابعيه باللحاق به إلى هناك أفواجاً أفواجاً.


أرسى نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- قواعد دولته، ووسع رقعتها، وقوّى شوكتها، وجعل لها بغزواته ومعاركه الكلمة العليا، فبلّغ ما عليه من أمانة، وارتحل إلى رفيقه الأعلى راضي القلب مرتاح الضمير، وتسلّم أمور الدولة الإسلامية خير صاحب وصديق أبي بكر الصديق، وأدى ما عليه من أمانة هو الآخر قبل أن يلحق برفيق دربه وشبابه، ولما تولّى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مقاليد الدولة الإسلامية، وصلته رسالة من الأمصار تفيد بأنّ ما يصلهم إليه من كتب ورسائل غير مؤرخة بتاريخ، وبعد تفكير قرر -رضي الله عنه- أن يجعل هجرة النبي -عليه السلام- بداية التاريخ الإسلامي، رغم وجود رأي يشير إلى التأريخ بالمبعث، لكنّ عمر اختار التأريخ بالهجرة؛ نظراً لأنها الفارق بين الحق والباطل كما أشار، وبدأ ذلك في السنة ال17 للهجرة، واقترح أن يكون الأول من محرم هو غرّة السنة الهجرية.


في هذا اليوم من العام تنتاب المسلمين مشاعر العز والفخار بدولة إسلامية أسسها نبي الله محمد وحده، فيما أضحت الآن من كبرى الديانات في العالم، كما تنتابهم مشاعر الحنين لرسولهم الكريم، وفي أغلب البلدان الإسلامية يُعلن هذا اليوم يوم إجازة رسمية تعمّ البلاد، ويتبادل الأفراد خلال هذا اليوم التهاني، وتنتشر بعض العادات مثل شراء نوع معين من أنواع الحلويات لأهل البيت والأقارب، والمارة من الطريق، إلّا أنه من أفضل ما يمكن أن يقوم به المسلم في هذا اليوم التعرّف على سنة نبي الله أكثر، ومعاهدة الله على التقرّب منه، بأداء تلك السنن.


الخاتمة

كانت هجرة نبي الله هي اليوم الذي أرّخ به مولد الأمة الإسلامية، وإنّ من واجبنا كمسلمين التفقه أكثر في سنة ذلك الرسول الكريم الذي قاسى ما قاساه، وتحمل الكثير في سبيل أن تكون الأم الإسلامية على ما هي عليه الآن، واتباع سنّته والصلاة عليه.



للمزيد من مواضيع التعبير: موضوع تعبير عن المولد النبوي الشريف، موضوع تعبير عن مكة المكرمة