المقدمة
أبدأ هذه رسالة ببسم الله الرحمن الرحيم، فهو الرحمن بعباده وأنا أكتب رسالتي اليوم حول خُلقين حسنين أساسهما الرحمة، هما التسامح والإيثار، إذ لا يستطيع الإنسان التحلي بهذين الخلقين تحديداً إن لم يكن قد أودع الله في قلبه بذرة من الرحمة والخير، فهما يتطلبان الكثير من رأفة الإنسان بالآخرين من حوله، وشعوره بالخير تجاههم حتى يتحلّى بهذين الطبعين.
التسامح
الأخلاق الطيبة درجات ومنازل، وإن من أرفع هذه الأخلاق درجة العفو والتسامح، والتسامح يعني قدرة الإنسان على الصفح والعفو عمّن آذاه يوماً، أو أخطأ في حقه، بشرط أن يكون ذلك بمحض إرادته، وليس رغماً عنه، فالإنسان إن سامح طهّر قلبه من كل حقد أو غلٍّ على من أخطأ في حقه، وستقول لي يا قارئ رسالتي كيف يستطيع الإنسان أن يعفو عمّن أساء له، وأخطأ في حقه!، فسأقول لك أن ذلك يكون بالتأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الأمر، فكم من موقف صوّر لنا أذى كفار قريش له، فما تبدل طبعه وأساء لهم كما أساؤوا، بل قابل إساءتهم بالإحسان والعفو، فكسب بذلك قلوب الكثيرين منهم فدخلوا في دين الإسلام، وأنت إذ تسامح أخاك تحصد بذلك رضا الله تعالى، وأجره العظيم الذي أعدّه للمحسنين الصابرين، كيف لا وهو من قال في كتابه: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ المحسنين)، حيث جعل الله تعالى للعفو عن المسيئين ثمناً هو رضا الله والجنة، أفلا يستحق ذلك منّا الصبر وكظم الغيظ للفوز بهما؟!.
الإيثار
ديننا الإسلامي دين تسمو فيه الروح، وتتعالى حتى تتفوق على الجسد، والمادة، والرغبات الإنسانية، وذلك بتأديب الله تعالى لنا حتى نصل إلى هذه الدرجة، ومن تلك الأمور التي قد تبدو صعبة إلى حد ما على النفس البشرية لكنّها ممكنة (خلق الإيثار)، والذي يعني أن يفضّل الإنسان الآخرين على نفسه في بعض المواضع عن طيب خاطر منه، وهو خلق يتطلب من صاحبه درجة عالية من التحكم في النفس، والبعد عن الأهواء والرغبات التي تجعل الإنسان يميل نحو مصلحته الشخصية، وهذا الخلق موجود وليس محالاً، فتلك الأم التي تحرم نفسها النوم حفاظاً على راحة صغيرها، وذلك الأب الذي يمنع عن نفسه ما يحتاج من الملبس والمأكل تلبية لحاجيات أبنائه، وتلك الأخت التي تبذل ما تحتاجه من مال لتفريج كربة أخيها، وذلك الصديق الذي يدّعي عدم الجوع ليقاسمك شطيرته بعد أن نسيت شطيرتك ونقودك في البيت هي كلّها أمثلة بسيطة على الإيثار، فهناك المزيد من الأمثلة العظيمة التي توضّح إمكانية تحلينا بهذا الخلق، ولك أن تتمعن موقف مقاسمة الأنصار لإخوانهم المهاجرين أموالهم، وبيوتهم وكل ما يملكون نصرة لهم عند هجرتهم، وغير ذلك الكثير من مواقف الصحابة الأجلاء الذين اتخذوا الرسول قدوة لهم في ذلك.
الخاتمة
إنّ من أعظم ما قد تدرّب نفسك عليه من أخلاق رفيعة التسامح والإيثار، فأنت إذ وصلت إلى هذه الدرجة العالية من الأخلاق، قد وصلت إلى درجة من التصالح مع نفسك، والسلام الداخلي يمكنانك من العيش برضا لا مثيل له مصدره رضا الله عزّ وجل، ومقابله جنته بإذن الله.
للمزيد من مواضيع التعبير: موضوع تعبير عن التسامح، موضوع تعبير عن الأخلاق