المقدمة
قد تصبغ حقبة زمنية ما دولة كاملة بصبغتها، وهذا لا شك ما نراه في الدولة المصرية التي لطالما ارتبطت في مخيلتنا جميعاً بالأهرامات العظيمة، تلك المباني الحضارية الشاهقة رمزاً وحقيقة، حتى أنّ عصراً كاملاً قد سُمي (بعصر بناة الأهرامات) أو عصر الدولة القديمة، وهو ما ينم عن أنّ الحدث الأعظم والأكثر انتشاراً في تلك الحقبة كان بناء الأهرامات بأشكالها وأحجامها المتنوعة.
عصر بناة الأهرامات
توالت العصور على الدولة المصرية الحضارية القديمة، وكان منها عصر بناة الأهرامات أو عصر الدولة القديمة كما سماه الأمير (سنفرو) أول حكام العصر الذي تقلّدت مقاليده الأسرة الثالثة عام ألفين وستمئةٍ وستٍ وثمانين قبل الميلاد، ومما لا شك فيه أنّ هذا المسمى جاء نابعاً من انتشار ظاهرة بناء الأهرامات آنذاك بما فيها الثلاث أهرامات الأكثر شهرة اليوم (خوفو، وخفرع، ومنقرع)، والموجودة في مدينة الجيزة.
ملامح عصر بناة الأهرامات
لكل عصر من العصور ملامح عامة تميزه كشف عنها التاريخ، وذلك بدراسته للآثار والمخلفات الحضارية التي خلّفها ذلك العصر، أمّا عصر بناة الأهرامات وما خلفه من أهرامات وتوابعها فقد كشف عن عصر غاية في الازدهار والتنظيم الإداري، فقد دلت الأهرامات التي بناها الملك زوسر في ذلك الوقت على التطوّر العمراني والهندسي اللذين كانت تشهدهما الدولة الفرعونية آنذاك، بالإضافة إلى قوة الحكومة المركزية وإدارتها، وسيطرتها على كافة شؤون الدولة المصرية وتفاصيلها في ذلك الوقت، كيف لا والناظر في روعة هذا النوع من البناء وعظمته لا يستطيع إلّا أن يلمح مدى التنظيم، والدقة، اللذين قام عليهما، وما يحتاجانه من قوى عاملة منظمة لغاية إنشائهما بهذا الشكل! بالإضافة إلى متانة ما استخدم فيها من أدوات ومواد بقيت صامدة حتى الآن! أما ما وُجد على جدران هذه الأهرامات من نقوش فيرتبط بظهور الكتابة الهيروغليفية وتطورها في ذلك العصر.
والناظر في نظام الحكم في الدولة في هذا العصر لا يستغرب ما ذُكر آنفاً عن نظام السلطة فيه، ولا عمّا نتج عنه من بناء عظيم -الأهرامات-، فمن المعروف أنّ الفرعون في ذلك الوقت كان يستقر في عاصمة الدولة ليهيمن على كامل مصر العظيمة التي كانت تعتبر مركزاً للعالم في تلك الأثناء، وهو ما يمكّنه من السيطرة على الأمور الداخلية للدولة كلها، فيما يعينه في ذلك وزير، وكبير موظفين يشرفان بدورهما على مجموعات من الموظفين والإداريين العاملين بجدّ وهمة كخلية نحل في تشييد حضارة هذه الدولة، بالإضافة إلى أمور الإنتاج وسائر الأمور الأخرى فيها.
أمّا عن الفنون في ذلك العصر فتتمثّل في النحت وتجسيد تماثيل الملوك والخاصة في الدولة، بالإضافة إلى صنع اللوحات المحفورة والمصورة التي تعكس طقوس الآلهة والملوك آنذاك.
الخاتمة
سُمي عصر بناة الأهرامات بهذا الاسم نسبة لأشهر المظاهر العمرانية فيه في ذلك الوقت، وقد كان لهذا العصر ما يميّزه من خصائص مثل قوة الحكومة المركزية فيه، والتنظيم الإداري والطبقي متناهي الدقة والانسجام، وهو ما نتج عنه ما نراه من أهرامات شامخة حتى اليوم.
للمزيد من مواضيع التعبير: موضوع تعبير عن العصر الكلاسيكي، موضوع تعبير عن العصر الجاهلي